السكر الأبيض الصناعي أحد الأغذية المهلكة لأجسادنا
قصب السكر.. تناوله باعتدال وتعقّل!
قصب السكر
أ.د. جابر بن سالم القحطاني
قصب السكر نبات معمر قوي سريع النمو وهو من فصيلة الذرة والقمح والشعير(النجيلية Graminae) لقصب السكر ساق طويلة وغليظة، ذات عقد يشبه إلى حد ما ساق الذرة الشامية. يسمى قصب السكر باسم المصان، ويعتبر المصدر الرئيسي للسكر. يبلغ السكر المنتج من قصب السكر نحو ثلثي حاجة العالم.
يزرع قصب السكر في المناطق الحارة الرطبة، وينمو عادة في حزم، وسيقانه تخرج من أعناق جذرية كبيرة، ويبلغ ارتفاعها ما بين مترين ونصف إلى 3 أمتار ونصف وفي رأس كل قصبة أزهار مزركشة. يعرف قصب السكر علمياً باسم Saccharum officinarum لقد عرف قصب السكر منذ القدم ونقله العرب إلى اليمن فزرعوه هناك وسموه المضار، ثم استؤنس في جنوب شرق آسيا، ثم انتشرت زراعته فيما بعد في بلدان عديدة. وأصبح نباتاً زراعياً بعد أن كان نباتاً برياً. وصل إلى مصر في سنة 641 بعد الميلاد وعرف باسم قصب السكر، ووصل إلى أسبانيا في سنة 755، وحمله الأسبان والبرتغاليون إلى أمريكا في مطلع القرن الخامس عشر.
يزرع قصب السكر في المناطق الحارة الرطبة
كيف يستخرج السكر الذي نستعمله
اليوم من هذا النبات؟
تقطع السيقان من قرب سطح الأرض بعد مرور عشرة إلى عشرين شهراً على زراعته وعندما تبدأ أزهاره بالذبول، وتعتبر قاعدة الساق هي أغنى جزء في القصبة بالسكر. تعصر السوق المقطوعة، ويمر السائل منها بعمليات عديدة من التنقية والتصفية وإضافة هيدروكسيد الكالسيوم لترسيب الشوائب ثم يستخدم ثاني أكسيد الكربون لإزالة هيدروكسيد الكالسيوم الزائد وبعد ذلك يقوم العمال بوضع العصير المصفى في صهاريج (أجهزة تبخير)، حيث يتبخر معظم الماء ويصبح العصير غليظاً وشديد الحلاوة، لكن لابد من إزالة المزيد من الماء من هذا الشراب المركز حتى تتشكل بللورات السكر المعروفة. يسخن الشراب المركز في أوعية كبيرة مفرغة شكلها يشبه القبة وذلك لإزالة الماء الزائد، ويحترق السكر وشراب السكر بسهولة لكن التفريغ يخفض نقطة غليان الشراب المركز بحيث لا يحترق حتى عند استمرار النسختين. وبعد تكون بللورات كبيرة من السكر في الشراب الكثيف، يضع العمال الخليط في نابذة (جهاز طرد مركزي) تدور بسرعات عالية جداً، ويفصل معظم الشراب المركز من البلورات.
ويحتوي السكر الخام المتبقي على 97 إلى 99% سكروز وهذه هي الصورة التي يشحن المصدرون بها السكر من بلد لآخر.
يتناوله باعتدال أصحاب الصحة الطبيعية والجيدة
يُنتج حوالي 110 ملايين طن متري من السكر في أنحاء العالم كل عام. وتتصدر الهند دول العالم في إنتاج السكر وتتبعها البرازيل والصين والولايات المتحدة. وتعد صناعة السكر ذات أهمية لاقتصاد استراليا، حيث توفر الصناعة جميع السكر الذي يستخدمه ذلك البلد، ويصدر حوالي 80% من الإنتاج الكلي. ويزرع في كوينزلاند وحده 95% من سكر أستراليا.
تصل نسبة السكر في قصب السكر حوالي 17% ويحصل من كل طن من القصب على 100كليوجرام من السكر. وجذور نبات القصب تحتوي على 6.34% من السكر، بينما أوراق قصب السكر تحتوي على 2.2% فقط. وتزيد نسبة السكروز كلما تقدم النبات في العمر.
ماذا قال أطباء العرب في قصب السكر؟
وصف الأطباء العرب سكر قصب السكر بما خلاصته: حلاوته أقل من حلاوة العسل، وهو يدخل في عداد الأشياء الجلاءة، الفتاحة للسدد، المنقية للمجاري، وهو يقوي المعدة والكبد، وسكر النبات يلطف ويلين البطن ويسكن الرياح والخشونة والصدر والرئة والسعال ويجلو الكلى والمثانة، وينقي البياض الذي في العين ويجليه، وإذا شرب مع حليب البقر نفع من الاستسقاء يحوي قصب السكر على 83% ماء، و15% سكروز، 80% سكر محول، 0.05% بروتين وحوالي 0.12% حمض أسبارتيك، 0.10% أحماض عضوية، 0.10% دهن مشبع وسكر القصب تحفظ به الفواكه كمربيات ومسكرات ويحسن به طعم المشروبات والمأكولات والأدوية، وتناوله يعطي الجسم ما يلزمه من طاقة.
الأبيض الصناعي ضار بالصحة
ماذا يقول الطب الحديث في السكر؟
رأي الطب الحديث أن سكر القصب وليس السكر المصنع غذاء جيد لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن استبداله بغيره، ولكن بشرط أن يكون استعماله باعتدال وتعقّل. وهو يعطى لكل الأشخاص ذوي الصحة السليمة الطبيعية، ويعطى خاصة للمراهقين والرياضيين والعمال وذوي الأعمال المرهقة، والنحفاء، ويمنع عن البدينين ومرضى السكر الذين يجب أن يستبدلوه بالسكرين.
وبما أن نقص السكر في الجسم يسبب التعب والإعياء ونقص النشاط فإنه من الضروري أن يعطى الجسم كفايته منه. والسكر يستعمل علاجاً ناجحاً في حالات كثيرة، منها التخلص من الغيبوبة والتشنج اللذين يصحبان مرض النوم وفي أمراض الكبد وحالات القرح المعدية.
ما هو العسل الأسود؟
هو مركب ثانوي ينتج عند تنقية سكر القصب، وينصع أحياناً بغلي عصير القصب الطازج على النار في أوان خاصة من الفخار.
إن العسل الأسود غذاء ذو قيمة غذائية عالية فهو يقدم للجسم نحو 61 مجم من الحديد في كل كيلوجرام. بينما كليوجرام من الكبد يعطي 56 مجم من الحديد. والعسل الأسود غني بالأملاح النافعة مثل الكالسيوم والكبريت. يفيد العسل الأسود الأشخاص الذين يعانون من فقر الدم وكذلك الأشخاص المصابين بحموضة المعدة، وهو سهل الهضم جداً وسريع الامتصاص وإذا أخذ مع الطحينة كان غذاء للجسم من أجود المأكولات وأجودها. يعتبر العسل الأسود في عرف علماء الطب والغذاء أنه رابع المواد الغذائية الثلاث – القمح واللبن الرائب وخميرة البيرة التي تحتل الدرجة الأولى في تغذية الجسم. ولذا يجب أن يأخذ كل شخص منها نصيباً كبيراً كل يوم. وسكر النبات أفضل علاج للسعال ولبحة الصوت.
أضرار السكر الصناعي:
إن الإفراط في تناول السكر الصناعي وليس الطبيعي قد لفت أنظار الكثيرين من الأطباء إلى إجراء أبحاث واسعة دقيقة في هذا الموضوع، وظهرت لبعضهم مساوئ فظيعة نتجت عن تناول السكر الصناعي فأخذوا يشنون حملات واسعة على السكر في الكتب والصحف والإذاعات والندوات والمحاضرات يظهرون فيها الخطر الداهم ويحذرون من التمادي في استعماله.
وقد قال الدكتور غاستون دورفيل: "إن السكر هو أحد الأغذية المهلكة لأجسادنا، وقد لوحظ أن كثيراً من أحوال الأرق لا سبب لها سوى الإفراط في تناول السكر ذلك لأن السكر أقوى الأغذية الاحتراقية.
إن السكر الصناعي علاج كالعلاجات يضر وينفع، فهو نافع لذوي الأعمال الجسدية كالزارع والصانع، وضار لذوي الحياة المكتبية كالمؤلفين والسياسيين فلا يجب أن يتناولوا منه اكثر من قطعتين صغيرتين في اليوم. وقال باحث آخر: لقد أعطي السكر للكلاب فحصلت لها اضطرابات عظيمة، هزات وازدياد في بولها ونقصت قواها وتقرحت قرنيتها الشفافة ثم انثقبت وسالت أخلاط العين فيها ثم ماتت بعد شهر، وهو يقتل الحيوانات ذات الدم البارد كالضفادع وغيرها.
وكتب عنه الطبيب الفرنسي هنري بيرتريه مقالاً هاماً في مجلة صحتك الفرنسية قال فيه "إن السكر الصناعي هو إحدى المصائب الكبرى التي جاءتنا بها المدنية الحديثة لتبعدنا عن الطبيعة ومنتوجاتها". وإذا كان تجار السكاكر قد تمكنوا بفضل تقنيتهم في صنع السكاكر وإغراء الناس وخاصة الأطفال بالإقبال عليها، فكم يجدر بالأطباء أن يقفوا أمام هذا الخطر المحدق بصحة الإنسان من جراء اندفاعه الأعمى في تناول السكر أكثر من أي مادة غذائية. لقد تأكدنا أن للسكر الصناعي أسوأ التأثير في الجسم البشري فهو يحدث لمتناوليه بكثرة تورماً مصحوباً باضطرابات هضمية وهزالاً للأطفال وأحياناً اكزيما وتسوساً في الأسنان ومرض السكر وتخمرات كحولية في الأمعاء واضطرابات في الكبد ومتاعب واضحة للقلب والكلى والبنكرياس.
يقول الباحث الانجليزي الشهير الدكتور دوني بوركيت "لقد لاحظنا زيادة عدد الإصابات بسرطان الأمعاء والمستقيم في البلدان الغربية، وتبين لنا أن السبب هو تناول الأغذية الغنية بهيدرات الكربون وفي مقدمتها السكر الأبيض، والدقيق الأبيض. وفي الولايات المتحدة زادت الحالات بنسبة 25% بين سنة 1909م وسنة 1969م للسبب نفسه، وكذلك الحال في اليابان بينما الحالة تختلف في المناطق الأفريقية التي تأكل هذه المواد بحالتها الطبيعية.
وأخيراً نورد بعض ما يردده العالم العالمي في الغذاء وأستاذ التغذية في جامعة لندن الدكتور جون ويدكن حامل الحملة العنيفة على السكر حيث قال: "إن الشر كل الشر يتأتى من السكريات "وينعت السكر" بالقاتل الحلو الأبيض"، ويتمنى لو يستطيع منع بيع السكر ومشتقاته لينقذ البشرية من أخطر الأمراض وفي طليعتها مرض القلب. ويقول "إن الإفراط في تناول السكريات يؤدي إلى شحم الكبد، وتضخم الكليتين، والموت المبكر". ويؤكد هو وأتباعه وجود علاقة بين السكريات وبعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي والدم والمستقيم، وبين السكر والنقرس وداء المفاصل والتسويس للأسنان وبعض الأمراض الجلدية وبالأخص الإكزيما.
المصادر:
1/ أحمد قدامه: قاموس الغذاء والتداوي بالنباتات. موسوعة غذائية صحية عامة. دار النقاش - الطبعة الثانية - 1990م.
2/ محمد الأنور البلتاجي (تحقيق) شرح الطب النووي لابن قيم الجوزيه - الجزء الثاني – المكتبة العصرية - 2005م..