لسلام عليكم
عندي وسواس دائم، ودائما ما تحدثني نفسي بالخير وأحيانا بالشر، ولكني والله دائما ما أعمل الخير.
كما أنني كثيرا ما أتخيل أن ابنتي المتوفاة بجانبي، وأنني أتحدث معها في صمت، فهل سيحاسبني الله على ذلك؟ وكيف أتوب إلى الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المشتاقة للفردوس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة– ونسأل الله لك العافية، وأن يأجرك في كل ما أصابك، وأن يُبدلك خيرًا مما فاتك.
أما عن الوساوس –أيتهَا الكريمة–: فاعلمي أن علاجها هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، واللجوء إلى الله تعالى بالاستعاذة من الشيطان ووساوسه، فإذا فعلت ذلك وصبرت على هذا الطريق؛ فإن الله تعالى سيصرفها عنك.
وأما ما تُحدثين به نفسك من الشر: فاعلمي أن الله تعالى تجاوز لهذه الأمة ما حدَّثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم، وهذا من فضل الله تعالى وسعة رحمته، فلا تقلقي، ولا تدعي للشيطان سبيلاً يتسلل منه إلى قلبك؛ ليورثك الحزن والكآبة، واصرفي قواك الذهنية والنفسية والبدنية للمزيد من القُربات التي تنفعك في دنياك وآخرتك، فأكثري من ذكر الله، واستكثري من الاستغفار والصلوات وأنواع الخير والقُربات، فإن ذلك يملأ وقتك بما يطرد عنك الهم والقلق، كما أنه يعود عليك بسعادة العاجل والآجل، والنفس –أيتهَا الكريمةَ– إن لم يشغلها صاحبها بالخير شغلته بغيره.
وأما التخيلات التي تتخيلنها في شأن ابنتك: فإن الله تعالى لا يؤاخذك بها، ولا تأثمين بذلك، ولكنها تخيلات لا تنفعك، بل قد تعود عليك بأنواع من الأضرار، كإثارة الأسى والحزن، ونحو ذلك، فالخير لك في أن تصرفي نفسك عنها، وأن تشتغلي بالنافع.
فخلاصة وصيتنا لك هي: الوصية النبوية العظيمة التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، فاصرفي همَّك وحرصك واجتهادك نحو النافع من أمر الدين أو من أمر الدنيا، واستعيني على دينك بمصاحبة الصالحات، والإكثار من حضور مجالس الذكر وسماع المواعظ، والاشتغال بتعلم العلم النافع، فإن هذه من أجل القُرب التي يُتقربُ بها إلى الله تعالى.
وأما الاستغفار فصيغه كثيرة، فإذا قلت: (أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه)؛ فهذه من أمثل الصيغ، وسيد الاستغفار قد وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم– بهذا الوصف بأنه سيد الاستغفار، وهو أن يقول الإنسان: (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
وقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم– أبا بكر الصديق –رضي الله عنه– أن يقول في دعائه: (اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كبيرًا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم).
وكل صيغ الاستغفار تؤدي المقصود، ولكنها متفاوتة في الثواب والأجر، فإذا قال الإنسان: (اللهم اغفر لي) فقد استغفر، وإذا قال: (أستغفر الله) فقد استغفر، وهكذا.
نسأل الله لك المزيد من التوفيق والصلاح والإعانة على الخير.