مرض معقد يحدث على مستويات متعددة تلعب فيها العوامل الوراثية أدواراً مهمة
الفصام يعرف كمرض ذهاني مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل
د.علي الزهراني
هناك خلط وعدم فهم لدى العامة حول مرض الفصام لدرجة ان البعض يعتقد بأنه الانفصام العقلي مع انه لا يوجد بالطب النفسي ما يسمى بالانفصام العقلي!
وكما هو معروف فان مرض الفصام يعد من الامراض (الذهانية) والتي تحتاج الى علاج دوائي قد يستمر العمر كله.
والفصام يصيب حوالى 0.3-0.7% من الناس في مرحلة ما من حياتهم أو 24 مليون شخص عالمياً وهو أكثر في الذكور من الإناث حيث ان اكثر الاعمار عرضة لدى الرجال هي ما بين 20-28 سنة بينما الاكثر عرضة لدى النساء هي 26-32 سنة.
والفصام يعرف بأنه مرض ذهاني مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل يتميز باضطرابات في العلاقات الواقعية وتكوين المفاهيم مع اضطرابات وجدانية وسلوكية وعقلية وكذا اضطرابات في مجرى التفكير والسلوك بدرجات متفاوتة بين المصابين بهذا الداء، كما ان الفصامي يتميز عن غيره من المرضى بميله القوي للبعد عن الواقع وعدم التناغم الانفعالي.
والفصام يحدث لدى الاشخاص الذين لديهم استعداد وراثي بسبب خلل كيميائي نتيجة لاجهاد نفسي او ضغوط نفسية او عوامل اجتماعية أو مرض عضوي، ولهذا يبدو للمتخصصين بأن الفصام يعد اضطرابا معقدا يحدث على مستويات متعددة تلعب فيها العوامل الوراثية – وهي الأهم بينها – والنفسية والفسيولوجية العصبية والاجتماعية والكيميائية الحيوية أدواراً مهمة.
والحقيقة ان مرض الفصام بدا يضرب بالشباب ويسبب اعاقة حقيقية حيث اشارة العديد من الدراسات الى ان الاصابة بين الشباب من عمر 16 – 25 اصبحت واضحة جلية ولربما تصل الى سن الثلاثين الا انها نادرة الوجود بعد سن الأربعين.
اما عن اعراض الفصام فهي لا تكاد تخرج عن الاعراض التالية:
• اضطراب في الإدراك: حيث يبدأ المريض بسماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة على أرض الواقع كأن يسمع احدهم يتحدث إليه أو متهجماً عليه أو موجهاً له الأوامر.
• اضطراب التفكير: حيث يفقد المريض القدرة على التفكير بشكل واضح مع قناعاته بأفكار غير صحيحة مثل ان الآخرين يستطيعون قراءة أفكاره او زرع أفكار جديدة في عقلهِ أو ان المباحث تتابعه او ان المخابرات تطارده او ان امعاءه ليست مثل امعاء البشر بل هي عبارة عن ثعابين او ان هناك دودا تحت جلده يتنقل من مكان لاخر او انه يخشى ان يدخل المستشفى فتضرب كل التحويلات دفعة واحدة او انه يشم طبخة بالتلفزيون وفجأة واذا بها طبخ بمطبخه... الخ.
• اضطراب المشاعر: ويقصد بها عدم تناسب التفاعل الوجداني مع الاخرين يضحك في الاحزان ويحزن في الافراح او يقل تفاعله مع الآخرين عاطفياً لدرجة التبلد الوجداني.
• تباين السلوك: حيث يقوم المريض بسلوكيات غريبة مثل اتخاذ أوضاع غريبة أو القيام بحركة لا معنى لها بشكل متكرر.
• اضطراب الكلام: يظهر اضطراب واضح في بناء الجملة الكلامية ومدلولاتها اللفظية.
• الإيمان بمعتقدات غريبة اقرب ما تكون الى الخروج على الجماعة مع احتقار اجماع الامة واعتبار ذلك تبعية ويراها سياسة قطيع مع وجود اوهام اضطهادية ودائما تجده يكرر (هم رجال ونحن رجال).
• تصرفات غريبة كأن يخرج إلى الشارع ويمشي مسافات طويلة أو يرتدي ملابس غير مناسبة.
• كلامه غير مترابط وغير منطقي أو ما يعرف ب (سلطة الحديث) لعدم ترابطه.
• العدوانية: حيث نجد ذلك واضحا جليا من خلال تعابير وجهه الحادة او اسلوبه في الكلام او تهديداته المتكررة.
من هم اكثر الناس عرضة للاصابة بالفصام؟
هم القرابة بطبيعة الحال وخاصة القرابة من الدرجة الأولى كالاب أو الاخ.
متعاطي المخدرات: من يتعاطى المخدرات وخاصةً الحشيش وبالذات إذا كان التعاطي في وقت مبكر من العمر.
التفكك الأسري: من يعيش في أسرة مضطربة حيث يفرض أحد الأبوين رأيه على البقية أو تكثر فيها النزاعات بين أفراد الأسرة.
اما عن علاج الفصام فكما هو معلوم فان مريض الفصام او الامراض الذهانية الاخرى تحتاج الى التنويم لفترة طويلة بالمستشفى حتى تستقر الحالة ويرتفع الاستبصار لدى المريض. كما ان العلاج الدوائي هو الاكثر وضوحا وبالذات في هذه المرحلة من العلاج، وهناك ادوية فعالة لعلاج الفصام الا ان الريسبريدال يعد من اكثرها فعالية لانه مضاد غير نمطي للذهان.
ولابد ان نعرف ان البعض من المرضى يأخذون بالفعل مضادات الذهان التقليدية ولكنهم لا يستجيبون للعلاج واخرين قد تكون لديهم حساسية بصفة خاصة للاثار الجانبية للعلاج، في العديد من الحالات قد يكون من المفيد للمريض أن يتحول الى أحد البدائل من بين مضادات الذهان الأحدث.
المشكلة التي يعانيها الفصامي هي عدم قدرته على الانتظام بالعلاج وبالتالي الانتكاسة التي تعاني منه مستشفيات الامراض النفسية ولذا علينا باتباع الخطوات التالية في حال انتكاسة مريض الفصام:
• حافظ على هدوئك قدر الإمكان. واطلب من الآخرين أن يبقوا هادئين.
• اعمل على تهدئة المريض. تحدث إليه بهدوء وببطء وبصوت طبيعي وواضح.
• لا تصرخ بوجه المريض أو تتهكم به أو تسخر مما يقول. لأننا نعلم أن هذا خارج عن إرادته كما في كل الأمراض العضوية.
• حاول أن تقنع المريض بحاجته للذهاب إلى المستشفى. أو استعن بصديق ليفعل ذلك. لكن عندما تشتد الحالة فليس من الحكمة إضاعة الوقت في إقناع المريض بل يجب إحضاره إلى المستشفى بالقوة.
• في الحالات الحادة، قد يصبح المريض خطراً على نفسه والآخرين. حيث تزداد – في بعض الأحيان - الهلاوس السمعية التي قد تأمره بالاعتداء على أحد أفراد الأسرة أو تأمره بتنفيذ أمر خطر على حياته، أو تظهر الضلالات (المعتقدات الخاطئة) حول ملاحقة الآخرين له وتعمدهم إيذاءه وغير ذلك. ولذا يجب الحذر من كل ما قد يتفوه به المريض أو يشير إليه بشكل مباشر أو غير مباشر واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتلافي حدوث ما لا يحمد عقباه.
• الاتصال بالإسعاف والشرطة قد يكون ضرورياً وملحاً عند صعوبة التحكم بالمريض، وعدم استجابته للذهاب إلى المستشفى. قد تشعر بعض الأسر بالحرج من ذلك وكأنهم يعاملون المريض كمجرم. ولكنه قد لا يكون هناك أي خيار آخر.
• يجب الحذر من المريض المتهيج. كما يجب الحذر من إلحاق الضرر به أثناء محاولة السيطرة عليه (تقييده مثلاً). يجب أن يقوم بذلك ممرض أو شرطي تلقى تدريب خاص في هذه المسألة.
• تذكر أن المريض نفسه يشعر بالألم لما يعاني منه من أعراض الانتكاسة.. لذا هو بحاجة إلى مساعدتكم وعطفكم.
• تذكر أنه كلما تم عرض المريض بشكل مبكر على الطبيب كلما استطعنا تدارك الانتكاسة بشكل أسرع وأفضل.
• بعد الخروج من هذه الانتكاسة لا بد من مناقشة أفراد العائلة والمريض مع الطبيب المعالج لتحديد الأسباب الكامنة وراء انتكاس المرض ولنتعلم درس جديد في رعاية مريض الفصام.
رسالتنا اخيرا نوجهها للمجتمع بضرورة التوعية بهذا المرض فعندما يرون ابنهم يتكلم مع نفسه أو يؤمن بمعتقدات غريبة أو يفشل في دراسته وينعزل عن الناس فعليهم مراجعة الطبيب النفسي (مبكرا) قبل ان تتفاقم الحالة ويصبح العلاج عسيرا. إن التدخل المبكر للمرضى الذين يعانون من الذهان قد يحسّن النتائج على المدى القصير.
يفقد المريض القدرة على التفكير بشكل واضح