قوة الزهور تتجاوز مجرد تنبيه الأحاسيس والمشاعر إلى القيمة العلاجية في منطقة جازان وفيفا.. النباتات العطرية تحل أعظم المشكلات العاطفية والنفسية!
المعالجة بالأزهار أثارت اهتماماً حماسياً في أوروبا ثم في أمريكا الشماليةأ.د. جابر بن سالم القحطاني
لماذا يقدم الناس باقات الزهور إلى مرضاهم ؟ إن الأزهار بكل ما أوتيت من ألوان زاهية أو رائحة مفرحة للقلب تتمتع دون أن تعرف بمفعول علاجي. إن المعالجين أو ممارسي الطب التكميلي يعتبرون أن قوة الزهور تتجاوز مجرد تنبيه الأحاسيس والمشاعر. فبالنسبة لأي شخص يمارس العلاج بالأزهار أو بخلاصاتها ، والذي يعتبر على مستوى العالم نظاما علاجيا تستخدم فيه أدوات الطبيعة الرقيقة ، وهي الزهور وذلك لعلاج المرض أو الوقاية منه .
إن العلاج بالأزهار ليس وليد اليوم فالمجتمعات القديمة بدءاً من الفراعنة وروما القديمة إلى كثير من القبائل الأمريكية وحتى العرب قد استخدمت الأزهار ولا زالت تستخدمها على نطاق واسع لأغراض طبية ودوائية .
في جنوب المملكة العربية السعودية تلاقي الأزهار والنباتات العطرية سوقاً كبيراً للاتجار فيها وتكون هناك أيام مخصصة في الأسبوع لبيع أنواع الأزهار والنباتات العطرية التي لها عشاقها. ولو لاحظنا قبائل تهامة بالذات لوجدنا أنهم يتعاملون مع هذه النباتات العطرية بشكل يومي ويعتبرونها من التراث فترى كل فرد يزين بها رأسه وحلقه فالكبار في السن سواء من الرجال والسيدات ممن تعدوا أو تجاوزوا التسعين عاماً يضعون باقات النباتات على رؤوسهم من أجل شم رائحتها النفاذة ومن أجل قتل القمل إن تواجد في شعر الرأس ولطرد كثير من البكتريا والفيروسات ولا يقتصر ذلك على المسنين فترى الأطفال بدءاً من الثانية من أعمارهم يطوقون ذوية رقبته بعقد من النباتات العطرية أو يجففونها ثم يحشون بها قطعة قماش خيطت على شكل أنبوب يحشى به مسحوق هذه النباتات العطرية من أجل أن يتمتع الطفل برائحة منعشة وليس هذا هو المقصود ولكن المقصود يكمن في قتل البكتريا أو الفيروسات التي يمكن أن تنمو على لعاب الطفل عندما يسيل من فمه على رقبته. كما أن رائحة هذه النباتات تحد من العدوى البكتيرية عندما يُقبل أحد الأقارب هذا الطفل. وإذا نظرنا إلى الصبايا في سن الزواج وقبله لوجدناهن يلبسن أحلى العقود من الياسمين والفل ويزين رؤسهن بالرياحين والمواد العطرية الأخرى من أجل أن يجذبن الانتباه إليهن من خلال هذه الروائح الفواحة .
تتمتع بمفعول علاجي
ونلاحظ الزوجات وأغلب الفتيات وكذلك المتزوجات يلبسن أحلى حلة من الأزهار والتي تخاط بشكل جميل حيث تغطي الرؤوس والصدر بمختلف عقود الأزهار. وقد اعتاد أهالي الزوج والزوجة أن يضعوا تحت وسائد العريس والعروسة ليلة دخلتهم أنواعا من الأزهار والنباتات العطرية التي تشعل في الزوج الهمة والتي تعطي الغرفة رائحة فواحة مما يجعل الزوجين يشعران بمتعة ليس بعدها متعة .
لقد كان الطبيب إدوارد باتش وهو طبيب إنجليزي أول من بدأ باستعمال الزهور وخلاصاتها في العلاج. ففي بداية الثلاثينات من القرن العشرين اكتشف د. باتش أن كثيراً من مرضاه قد أظهروا مختلف الصعوبات العاطفية والنفسية قبل ظهور المرض الجسدي حيث لاحظ أن نفس ردود الأفعال تلك ، مثل الغضب والخوف والقلق والغيرة ، يمكن أن تسبب مضاعفات للاضطرابات الجسمانية مما يجعلها أصعب في العلاج. ونظراً لاهتمام د. باتش بالآثار الجانبية للعقاقير ، فقد بحث في الطبيعة عن حل لمشكلة العلاج العاطفي واكتشف في نهاية الأمر حوالي 38 نباتاً وشجرة مزهرة قد نجحت في تخفيف نطاق واسع من الصعوبات العاطفية والنفسية . وأصبحت تلك الثمانية والثلاثين علاجاً زهرياً يستخدم في شتى أنحاء العالم .
إذا عدنا إلى استخدام الزهور في علاج الصعوبات العاطفية والنفسية فإن لدينا أمثلة حية في منطقة جازان ومنطقة فيفا بجنوب المملكة العربية السعودية حيث تحل النباتات العطرية أعظم المشاكل العاطفية والنفسية حيث يستخدمونها بشكل مستمر على طول السنة ولذلك نادراً ما تجد المصابين بحالات عاطفية أو نفسية. إن نوعاً من أزهار بعض النباتات في منطقة فيفا في جنوب المملكة تشد نفسيات المواطنين في موسم إزهارها حيث تبتهج الناس في تلك المنطقة وبالأخص الفتيات والفتيان ويشعرون أن هذه الأزهار في ذلك الموسم تشحذ عواطفهم ونفسياتهم بالسعادة وقد أصبح ذلك الموسم موسم الزواجات حيث تؤجل الزواجات إلى ظهور أزهار ذلك النبات الذي يعتبر بالنسبة لهم موسم سعادة ، حتى أن الشباب الذي سيعقدون زواجاتهم يعدون الساعات والأيام لظهور أزهار ذلك النبات الذي يعرف باسم نبات العدنة.
لقد أثارت المعالجة بالأزهار اهتماماً حماسياً في أوروبا ثم في أمريكا الشمالية . إن جمعية الخلاصات الزهرية على اتصال بأكثر من 30 ألفاً من المهنيين وغير المهنيين في أنحاء العالم الذين يستخدمون العلاجات والخلاصات الزهرية كأساليب علاجية. وأولئك يتضمنون أطباء المعالجة الطبيعية والعلاج الشمولي الذين يستخدمون العلاجات والخلاصات الزهرية جنباً إلى جنب مع الأعشاب والعلاج الغذائي والمعالجة المثلية ، كما يتضمنون الأطباء البشريين وأطباء الأسنان الذين يستخدمون تلك العلاجات بالتبادل مع العلاج التقليدي، وأشخاصاً لديهم اهتمام بالطب الوقائي من أجل أنفسهم ولعائلاتهم .
هذا المفعول اللطيف للأزهار يجعل العلاجات والخلاصات الزهرية مثالية للاستخدام المنزلي. فخلافاً لكثير من العقاقير الصيدلانية ، فإن العلاجات والخلاصات الزهرية لا تسبب التعود ، بل يمكن استعمالها لأية مرة تحتاجها إلى أن يشعر الشخص بأن مشاكله العاطفية أو النفسية قد تم تفريجها وشفاؤها. وتتمتع العلاجات والخلاصات أو المركزات الزهرية بتأثير تخفيفي ذاتي. فكلما اقترب الشخص من حل صراعاته العاطفية تناقصت الحاجة للعلاج الزهري أو الخلاصة الزهرية ، وكذلك فاعليته .
لقد استخدمت الصيغة المعدلة الحديثة من تركيبة د. باتش والتي تحتوي أيضاً على علاجات من زهور برقوق الكرز ونجمة بيت لحم لكل الأغراض بدءاً من رهبة المسرح إلى لدغات الحشرات ، ومن الانحرافات المزاجية إلى آلام الولادة . وقد تم تسويق هذا المزيج تحت أسماء تجارية مثل : Rescu Remedy , Calming Essence-Five Flower Formau وقيل إنه يتمتع بمفعول مهدئ يحقق التوازن النفسي للبشر وحتى للحيوانات المعرضة للتوتر . يستخدم الممارسون هذه التركيبة للمساعدة على علاج حالات حادة مثل نوبة الذبحة أو حميدة مثل الخمول. أما تركيبة الطوارئ فيمكن أن تفيد بصفة خاصة المرضى الذين يعانون الحزن بسبب الطلاق أو وفاة أحد الأقارب أو الأحبة وذلك طبقاً لما تقوله د. إيف كامبا نيللي وهي ممارسة عائلية للطب الشمولي في بيفرلي هيلز كاليفورنيا. كما استخدمه د. وليام وستندروف وهو طبيب أسنان من سينيسناتي على مدى السنوات العشر الماضية لتخفيف التوتر لدى المرضى الخائفين . ويقول د. وستندروف «إنني استخدم التركيبة جنباً إلى جنب مع التخدير المعتاد، وإن مرضاي لا سيما الأطفال منهم يكونون أكثر استرخاء بشكل ملحوظ»[/color]منقول