العلاقة بين الاكتئاب والعقم
نورة إبراهيم الصومالي*
إن حوالي 15% من المتزوجين عالمياً مصابون بالعقم، ولعدم الإنجاب خصوصاً في عالمنا العربي عواقب نفسية وعائلية واجتماعية قد تكون أحد الاسباب الرئيسية للطلاق.
في حال ثبتت عدم القدرة على الإنجاب قد يخضع الزوجين لتحاليل وعدة جلسات تصوير بالأشعة وفحوصات سريرية لمعرفة السبب ومعالجته، ولكن للأسف قد يفشل العلاج في عديد من الحالات وهكذا يزداد الضغط النفسي والعائلي على الزوجين مما يسبب لهما القنوط وربما الاكتئاب والقلق.
وقد اثبتت الدراسات الاميركية حول التأثير النفسي الشديد للعقم على الزوجين وخصوصاً في العالم العربي، حيث تقاس الرجولة أحياناً بعدد الأولاد، وحيث يكون للإنجاب أهمية قصوى لتوطيد العلاقة بين الزوجين وتثبيت الأواصر العائلية بينهما وبين عائلتهما وأقاربهما، ورغم أن العقم بحد ذاته لا يشكل مرضاً خطيراً يهدد حياة الزوج أو الزوجة إلا أن لحدوثه أثراً سلبياً عميقاً من الناحية الزوجية والنفسية خصوصاً بعد تعرض كلا الزوجين إلى شتى التحاليل والمعالجات المؤلمة أحياناً مع احتمال فشلها مما يزيد شدة الأعراض النفسية لديهما فضلاً عن تكبدهما التكاليف الباهظة للتمكن من الإنجاب والتمتع بفلذات كبدهما المحرومين منها.
إن تشخيص العقم بحد ذاته له وقع نفسي كبير وهو يسبب آلاماً وعذاباً، ويشبه الوقع النفسي لهذا التشخيص ردود الفعل الناتجة عن موت أحد الأقرباء وغير ذلك من تجارب الفقدان والحداد.
ويشكل العقم أزمة حياتية معقدة تهدد كيان الإنسان وتشكل ضغطاً انفعالياً شديداً. وتتنوع ردود الفعل النفسية وتظهر عند البعض أعراض القلق والتوتر والاكتئاب والقنوط واليأس والشعور بالإخفاق والفشل.
ومن الملاحظ أن بعض الأزواج والزوجات ينظرون في ماضيهم الشخصي بحثا عن ذنب أو عمل قد ارتكبوه كي يفسروا حالة العقم لديهم، وقد يرتبط ذلك ببعض الأمور النفسية مثل تأنيب الضمير وعقد الذنب، كما أن المجتمع وقيمه العامة تنظر سلبيا إلى فشل الزوجين في إنجاب الأطفال ويعتبر ذلك نوعا من عدم الكفاءة الشخصية، إضافة لاعتبار العقم نوعاً من الوصمة السلبية.
الخلاصة أن للعقم تأثيراً نفسياً شديداً على الزوجين، وخصوصاً الزوجة، مع تسببه في القلق والقنوط والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات، التي قد تساهم في فشل المعالجة مما قد تشكل حلقة مفرغة إذ إنها قد تزيد من نسبتهما وشدتهما عند الزوجين، فالعقم حالة مرضية قدرها الله سبحانه وهو قد يصيب أي رجل أو امرأة لأسباب جينية وهرمونية والتهابية ومناعية وهي قابلة للمعالجة الناجحة في معظم تلك الحالات إذا وجهت مباشرة نحو أسبابها، فإن الزوجين العقيمين يتطلبان علاجاً ناجحاً، وهذا من حقهما للتوصل إلى الإنجاب والتمتع بأولاد يشرقون حياتهما. من الضروري أحياناً تحويل الزوجين إلى أخصائي في الأمراض النفسية أو العلاقات الزوجية لمساعدتهما على وضع حد لاضطراباتهما النفسية.
وأخيراً: لابد من التأكيد على أن التعلق بالله والإكثار من ذكره سبب مهم في الوقاية من الاكتئاب وفي الشفاء منه أيضاً (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
* قسم طب الإنجاب.