إن المخاوف عند الأطفال كثيرة مقارنةً بالكبار، لذلك عندما ترى طفلك يُعاني من المخاوف فلا تستغرب ذلك.
وتبدأ المخاوف عادة في سنٍ صغيرة، وتتذبذب، فأحياناً تشتد وأحياناً تخف. وما الخوف إلا استجابة فطرية تجاه المؤثرات الخارجية بالنسبة للأطفال.
والمخاوف تختلف من سنٍ لآخر؛ وتتغيّر عندما يتقّدم الطفل في السن.
فالإجفال هو رد فعل يُظهره المواليد، ويمكن أن يكون دليلا على الخوف الطبيعي لاحقاً، وأي عمل غير متوقع ومفاجئ للمولود يجعله يرفع يديه وقدميه إلى أعلى وقد يبكي.
وبعد عمر ستة أشهر، يمكن أن نُفرّق، وبصورةٍ واضحة، بين الإجفال والخوف الذي يُرى كرد فعلٍ للغرباء.
ويظهر الخوف من الحيوانات في فترة لاحقة. وعندما يكبر الطفل يُصبح يخاف من الغرباء، ومن الحيوانات وكذلك من الظلام.
هناك أيضاً فروقات بين الذكور والإناث بالنسبة للمخاوف المرضية، حيث إن هناك أمورا قد تُخيف الفتيات أكثر من الأولاد، ويُعتبر هذا الأمر مقبولاً في كثير من المجتمعات وتدعمه الثقافة السائدة في كثير من البلدان.
وكثيراً ما تأتي الأمهات إلى العيادة يشتكين من أنّ أطفالهن الصغار يُعانون من خوف مرضي (رُهاب)، ولكن بالاستفسار والتعمّق في الأعراض، يتبّين أن هذه المخاوف ليست مرضية.
هل أترك ابني من دون أي تدّخل عندما يكون يُعاني من الرُهاب؟
هذا هو السؤال المهم.. هل أترك ابني من دون تدخّل، أم أنه يجب أن أعرضه على متخصصين لمساعدته؟
هذا السؤال يجب ألا يكون عاما؛ بمعنى أن لكل حالةٍ ظروفها الخاصة، فليس كل من ظهرت عليه أعراض الرُهاب من الأطفال يجب أن يُعرض على مُتخصصين نفسيين، أو يؤخذ إلى عيادةٍ نفسية.
ثمة أعراض للرُهاب تكون عابرة؛ قد يُعاني منها الطفل لفترةٍ مؤقتة، ثم تختفي من تلقاء نفسها.
وثمة أعراض أخرى تستمر وتؤثر سلبا على حياة الطفل، وتقود إلى تعثّر في دراسته ومهاراته الاجتماعية، مما يؤدي إلى صعوبات مستقبلية تؤثر على مستقبل الطفل.
ومن أكثر أنواع الرُهاب والقلق انتشارا عند الأطفال، هو قلق الانفصال؛ بمعنى أنّ الطفل يخشى أن يفترق عن عائلته، خاصةً عن والدته أو البعد عن منزله.
مثل هذا الطفل لا يستطيع الابتعاد عن والدته، وحتى عندما يلهو ويلعب مع أقرانه فإنه يفعل ذلك ولكن دون أن تغيب والدته عن ناظره.. يلهو ويعبث ولكن في فلك والدته.
هذا الطفل الذي يُعاني من قلق الانفصال يواجه صعوبةً كبيرة، مثلاً عند بدء الدراسة والتحاقه بالمدرسة، فإنه يرفض أن يذهب إلى المدرسة ويختلق أعذاراً كثيرة كي لا يذهب إلى المدرسة.. يدّعي المرض ويبكي بشدة وأحياناً بصورةٍ هستيرية لكي لا يُغادر المنزل، وما إن يوافق أهله على بقائه في المنزل ولا يذهب إلى المدرسة تختفي جميع الأعراض المرضية ويُصبح طبيعيا.
مثل هذا الطفل قد يحتاج إلى أن يُعالج لهذه الحالة المرضية بمساعدة طبيب نفسي أو اختصاصي نفسي، ومن الأفضل إذا كان شخصا متخصصا في الحالات النفسية عند الأطفال.
ومن أهم العلاجات المُفيدة في علاج مثل هذه الحالات هو العلاج السلوكي الخاص بالأطفال، الذي يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في معظم الحالات.