المريض بحاجة إلى مراجعة اختصاصي التغذية لحساب الجرامات من الكربوهيدرات
كمية الأكل المتناولة لها دورها في تحديد مستوى السكر
يتساءل الكثيرون عن كيفية التحكم في مستوى السكر في الدم، ويشكو الكثيرون من تذبذب مستوى السكر في الدم. وللتحكم الأمثل في سكر الدم لابد من ربط جرعات الإنسولين بالمتغيرات المختلفة ومنها قراءة السكر وكذلك كمية الأكل المتناولة. وقد تبدو هذه العملية وهذا الربط صعباً نوعاً ما ولكن مع التعود على هذه المعادلات يستسهل مريض السكري متابعة هذه الطريقة وتطبيقها على جميع الوجبات الغذائية وعند ارتفاع السكر.
أولا: كيفية حساب جرعات الإنسولين طويل المفعول:
بداية تحسب جرعة الإنسولين الكلية على حسب وزن الجسم. يعطى عادة مريض السكري وخاصة الأطفال من نصف وحدة إلى وحدة كاملة لكل كيلوجرام وزن في اليوم الواحد. فمثلاً لو كان وزن المريض مئة كيلوجرام، فإن مريض السكري يحتاج 50 وحدة إلى مائة وحدة في اليوم. وهناك بعض المرضى قد يحتاج لجرعات أكبر من ذلك وهناك بعض المرضى يحتاج إلى جرعات أقل من ذلك. فلو افترضنا أن الجرعة الكلية مئة وحدة، فإنه يعطى نصفها على شكل إنسولين طويل المفعول مثل إنسولين اللانتوس أو إنسولين الليفيمر. ويمكن إعطاء الإنسولين طويل المفعول في الصباح أي قبل الإفطار أو بعد العشاء أي قبل النوم. كما يمكن إعطاؤه في أي وقت من الأوقات. وهذه نبذة عن أنواع الإنسولين طويل المفعول المتوفرة في السوق السعودي. ومنها إنسولين اللانتوس الذي أقرت إدارة الدواء والغذاء الأميركية تسويقه واستخدامه. ويسمى علمياً إنسولين الجلارجين. وفي عام 2000 ميلادية وذلك في شهر أبريل. وقد كان البدء بتسويق إنسولين اللانتوس يشكل فتحاً جديداً في عالم علاج مرض السكري، كأول إنسولين تستمر فترة عمله 24 ساعة في اليوم، مخالفاً بذلك طريقة عمل الإنسولين القديم وهو الإنسولين العكر أو متوسط المفعول والذي تستمر فترة عمله 12 ساعة فقط وله أوج عمل وذلك بعد 3 ساعات من الحقن. ولم يغير انتاج وتصنيع إنسولين اللانتوس أو إنسولين الجلارجين مفهومنا عن كيفية عمل الإنسولين فقط، بل كان هذا النوع من الإنسولين في حينها هو الإنسولين الوحيد الذي ليس له أوج عمل والمقصود من ذلك أن تستمر فترة عمله لمدة 24 ساعة دون ارتفاع في حدة عمل الإنسولين مشابها بذلك إلى حد كبير طريقة عمل الإنسولين البشري والذي يفرزه البنكرياس الطبيعي من الجسم. إنسولين الليفيمير، وهو النوع الثاني من أنواع الإنسولين طويلة المفعول، وقد كانت الموافقة عليه من قبل إدارة الدواء والغذاء الأميركية في عام 2005 ميلادية. وكان ومازال هذه النوع من الإنسولين والذي يعرف تجاريا باسم إنسولين الليفيمير وعلميا باسم إنسولين الديتيمير البديل الوحيد لإنسولين الجلارجين أو إنسولين اللانتوس. وتستمر فترة عمل الليفيمير أو الديتيمير 20 إلى 24 ساعة وهو كذلك ليس له أوج عمل، وبالتالي لا يخفض السكر بصورة كبيرة كما هو الحال مع إنسولين العكر القديم متوسط المفعول. والجدير بالذكر أن الأطفال صغار السن يفضلون هذا النوع من الإنسولين مقارنة بإنسولين اللانتوس كون فترة عمله لا تستمر أربعة وعشرين ساعة تماما، فإذا أعطي إنسولين الليفيمر في الصباح الباكر فإنه لا يؤثر على مستوى السكر أثناء النوم ولا يخفضه. ومن الأنواع الحديثة والتي وصلت للمملكة العربية السعودية حديثاً إنسولين التريسيبيا. وقد أوضحت بعض الدراسات أن فترة عمله تتجاوز 36 ساعة وبالتالي يعتبر أطول إنسولين من ناحية فترة العمل. وأيضا من الأنواع الحديثة والتي لم تسجل في السعودية حتى الآن إنسولين توجيو وتستمر فترة عمله أكثر من 24 ساعة، وموافق عليه من قبل إدارة الدواء والغذاء الأميركية، حيث تمت الموافقة عليه شهر فبراير لعام 2015 ميلادية. وتستمر فترة عمل هذا الإنسولين إلى 24 او حتى أكثر من ذلك متعدية بذلك فترة عمل كل أنواع الإنسولين طويلة المفعول الأخرى. وقد كان التنافس على أشده بين الشركات الثلاث المنتجة للإنسولين. وقد تمت الموافقة عليه من قبل الاتحاد الأوروبي كذلك.
ثانياً: كيفية حساب جرعة الإنسولين قصير المفعول:
بداية نود أن نشير إلى أن هناك أنواعاً ثلاثة من الإنسولين قصير المفعول وهم إنسولين الأسبارت أو إنسولين النوفورابد وإنسولين الأبدرا أو إنسولين الجلولازين و إنسولين الهومالوج أو اللسبرو. وأشارت بعض الدراسات المحلية والعالمية فعالية العلاج بالإنسولين طويل المفعول إذا ما اقترن بالإنسولين قصير المفعول. وتعرف هذه الطريقة العلاجية بالعلاج المكثف بالإنسولين. ويعطي هذا الدمج بين الإنسولين طويل المفعول والإنسولين قصير المفعول نتائج جيدة إذا ما تمت معرفة حساب الجرامات من الكربوهيدرات وحساب الطعام بدقة. وقد تمت كذلك دراسة هذه الطريقة العلاجية في الأطفال وكذلك في كبار السن والبالغين في المملكة العربية السعودية وشملت الدراسة أكثر من ثلاثة آلاف مريض بالسكري ووضحت الدراسة مقدرة هذا النهج الجديد على خفض معدل السكر التراكمي مقاربة بالإنسولين العكر القديم. وكان الاقبال كبيراً على هذه الأنواع الحديثة من الإنسولين لكونها تعطى على شكل أقلام ومرتبطة بإبر صغيرة جداً غير مؤلمة مقارنة بالحقن القديمة. وبطريقة النسبة والتناسب يمكن ربط جرعات الإنسولين قصير المفعول بالكربوهيدرات المتناولة. مثلاً يمكننا أن نذكر للمريض أن يأخذ وحدة واحدة من الإنسولين قصير المفعول إذا أراد تناول 10 جرامات من الكربوهيدرات أو مثلا 20 جراما من الكربوهيدرات. ويمكننا ربط جرعات الإنسولين أيضا بمستوى سكر الدم، فمثلاً لو كان مستوى السكر أكثر من المستوى المطلوب، يجب على مريض السكري تصحيح هذا الارتفاع. ومثال ذلك لو كان مستوى السكر أكثر من 100 فكان مثلاً 150، فنقول لمريض السكر خذ وحدة واحدة من الإنسولين قصير المفعول لكل 50 ملجم أكثر من 100. وهكذا يجب على مريض السكري في هذه الحالة أن يأخذ وحدة واحدة من الإنسولين قصير المفعول للتصحيح. وبالتالي فإن مريض السكري من مستخدمي العلاج المكثف بالانسولين والذي يستخدم أربع حقن من الإنسولين في اليوم الواحد وهي حقن الإنسولين قصير المفعول قبل الوجبات الرئيسية الثلاث وإبرة الإنسولين طويل المفعول قبل النوم أو عند الاستيقاظ من النوم، فإنه يلزمه تحليل السكر سبع مرات في اليوم قبل الوجبات الثلاث وبعدها وأثناء النوم وأيضاً يلزمه معرفة كيفية حساب الكربوهيدرات في الوجبات الغذائية. لأنه كما ذكرنا إن جرعة الانسولين سريع المفعول تتحدد على حسب عدد الجرامات من الكربوهيدرات المتناولة وأيضاً مستوى السكر قبل الوجبة الغذائية وهذا ما يعرف بمبدأ التناسب. ولكن يجب أيضاً اختبار هذه النسبة وذلك بأن يقوم المريض بتحليل السكر قبل وبعد الوجبة للتأكد من صحة هذه المعادلة وجرعة الإنسولين سريع المفعول المعطاة. إن حساب الجرامات من الكربوهيدرات والتي يقوم اختصاصي التغذية بتعليمه للمريض أهم من الوسائل الغذائية للتحكم بسكر الدم وللحد من تذبذبه.
إن ضبط السكر وضبط جرعات الإنسولين المختلفة قصيرة المفعول أو كما تسمى سريعة المفعول وأيضا أنواع الإنسولين طويلة المفعول أو كما تسمى أنواع الإنسولين القاعدية تعتبر التحدي الأكبر الذي يواجه مريض السكري والقائمين على رعايته وهو أساس القدرة على التحكم في مستوى السكر في معدل مقبول من غير انخفاض يخشى عواقبه أو ارتفاع لا يؤمن نتائجه. إن درجة نجاح الفريق الطبي المعالج ودرجة تفوق أهل مريض السكري يتناسب عكسياً مع مقدار التذبذب والتأرجح في مستوى سكر الدم. وما من طبيب معالج وما من مريض مصاب إلا ويرغب في أن يضع سكره في معدل محدود ومستوى مقبول ولكن السبيل إلى تحقيق ذلك يحتاج المزيد من الصبر والجهد والمثابرة والمتابعة.
وفي نهاية المقال أود التنبيه أن كيفية حساب الجرامات من الكربوهيدرات تحتاج إلى مراجعة أخصائي التغذية ولكن في نفس الوقت هناك العديد من المواقع تتحدث عن كيفية حساب الطعام وكذلك هناك بعض التطبيقات تتحدث عن نفس الموضوع. وعموما نوعيات الأكل المتناولة عادة ما تكون محدودة ولذا يستطيع مريض السكري كتابتها وعرضها على المختصين في مجال التغذية. وخلاصة القول إن مريض السكري يحتاج مراجعة طبيب أو اهل المريض كما هو الحال مع أطفال السكري. حيث إن الكثير من الزيارات الطبية في العيادة تكون عديمة الفائدة لغياب تحليلات وقراءات السكر أو غياب جهاز تحليل السكر وبالتالي لا يستطيع الطبيب تغيير أو ضبط جرعات الإنسولين. ويحاول عادة مريض السكري تذكر القراءات أثناء الزيارة في العيادة ولكن عادة لا تسعه الذاكرة لتذكر جميع القراءات خلال الثلاثة أشهر الماضية. ولذا أحببت التنويه على هذا الأمر الهام وهو قراءات السكر وإحضارها وكميات الأكل وتسجيلها..
مريض السكري بحاجة إلى مراجعة اختصاصي التغذية لحساب الجرامات
اختصاصي التغذية له دور في توعية المريض عن أهم الوسائل الغذائية للحد من تذبذبه