تعاني الكثير من المجتمعات، عربية وغربية من الأمراض المزمنة والتي زادت نسبة حدوثها في الآونة الأخيرة وانتشرت بين كبير السن وصغيره وبين الذكور والإناث على حد سواء، فشملت أمراض السكري بأنواعه وأمراض الضغط بأشكاله وأمراض القلب بدرجاته وأمراض تصلب الشرايين بنوعياته وزيادة الوزن والسمنة بأنماطها وارتفاع الدهون بمستوياته وغيرها من الأمراض المصاحبة لها أو الأمراض التابعة لها، ويتساءل الجميع عن العلاج أو عن الوقاية وهو يعلم أن العلاج الذي أساسه الوقاية يكمن في أمرين لا ثالث لهما ولا بديل لغيرهما، وهما الحمية والرياضة وهما ما يثقل على الجميع اتباعه، ونود في هذه العجالة الإشارة الى التمرين الحركي وأهميته والى الحمية الغذائية وكيفيتها.
التمرين الرياضي الحركي
لا يجهل أحد منا أهمية التمرين الرياضي ولكن من يوفق لممارسته تجده يكسل أو يتكاسل عن الاستمرار في مواصلته، والأندية الرياضية خير برهان على ذلك، فتجد المسجلين فيها كثر بينما تجد مرتاديها قلة، ويصب ذلك في مصلحة المالكين لهذه الأندية الرياضية فمسجلون كثر وزوار قلائل، فكيف لنا أن نستمر في ممارسة الرياضة أو نشد الهمة للبدء بها، يصعب على كل منا البدء في أي تمرين رياضي، فنقطة البدء هي أصعب محطة ولابد من تجاوزها، حيث إن ما يليها أسهل من البدء بها، وهناك عدة نقاط قد تساعد في ذلك ومنها مصاحبة صديق مشجع غير مهبط ذي عزيمة وذي اصرار وهو نوع نادر من الصحبة، ومنها البحث عن مصاحب يتمتع بنفس وقت الفراغ الذي تتمتع به، فحينما تدعوه تجده مهيئا لذلك ومتهيئا لذلك، صديق لديه نفس الهدف الذي لديك ويرغب في ممارسة نفس النوع من الرياضة التي تود ممارسته، صديق ينافسك وصديق تنافسه، فلا يحبذ أن تصاحب من هو أقدر منك على ممارسة تمرين معين فينتصر عليك دوما فتصاب بإحباط، ولا يحبذ أن تصاحب من هو أضعف منك بنية فتهزمه دوما فتتكاسل شاعرا بالانتصار، وقد يبدأ الشخص منفردا في تمرينه ولا ينتظر أحدا يرافقه ولكن بعد البدء وكسر حاجز التراخي، يمكن له أن يبحث عمن يرافقه، وذلك لأن الكثير منا يصرف النظر عن البدء بالحركة لعدم وجود الرفيق ويتعلل بذلك ويمضى عليه الوقت وتذهب عنه العزيمة وهو ينتظر ذلك الرفيق الذي قد لا يأتي أبدا، إن تغيرا بسيطا في سلوك الشخص قد يكون هو الحافز المشجع للحركة ومثال ذلك استبدال السيارة بالمشي للمسجد أو الأماكن القريبة واستبدال الدرج بالمصعد في البنايات المرتفعة والمساهمة في أعمال المنزل الداخلية الخارجية مثل غسل ساحة المنزل أو غسل السيارة مثلا أو تقليم أغصان الشجر ونحوه، إن المساهمة وليس القيام بالعمل كله (وإن كان لا حرج في ذلك) سيساهم بلا شك في دفع عجلة الحركة إلى الإمام وهذا ما نحتاجه بداية.
إن ما يحقق الاستمرار في رياضة ما هو وجود المنافس المتقارب المقارب لك، ومن نصائح التمرين الرياضي ذلك التمرين الدائم الدؤوب ولا يكون كذلك إلا بالتدرج في النشاط الحركي، حيث إن الانطلاق نحو تمرين مجهد مباشرة قد يصيب الشخص بالشد العضلي الذي يعيقه عن الاستمرار في التمرين، فالتدرج هو أساس مواصلة أي تمرين عضلي، ويتساهل الكثير منا في مسألة الإحماء سواء بعد التمرين أو قبل التمرين وهي من أهم مسببات الإجهاد العضلي، ومن النصائح التي أود أن أسردها بخصوص التمرين الرياضي هو نوع التمرين الرياضي وقد يكون أفضل نوع يمكننا البدء به هو المشي العادي والذي يعقبه مشي سريع فهرولة فركض وهكذا. وقد تكون السباحة من أجمل أنواع الرياضة حيث لن يكون هناك ثقل على مفاصل الجسم خاصة السفلية منها مقارنة بالركض، وفيها حركة لجميع مفاصل الجسم عامة.
ولذا يجب ان نجعل من ممارسة الرياضة ثقافة في فكر الفرد، وهواية يمارسها بالقدر الذي يجعله محافظا على لياقته، مجددا لنشاطه، محافظا على شبابه، مؤديا لواجباته، واقيا جسده من الأمراض العصرية المرتبطة أساسا بالخمول وقلة النشاط والحركة ولذا ينظر الأطباء نحو الرياضة بأنها العمود الفقري في حياة الفرد، فممارستها ضرورية ولو بالجزء اليسير وينظر النفسيون للرياضة على أنها وسيلة لتقوية العزيمة وصقل الإرادة وتحدي النفس التي تركن للراحة، ورفع من قوة تحمل الجسم عامة، لعل الرياضة هي الطريقة المتفق عليها للوقاية من جميع أمراض الجسم والدليل على ذلك من الدراسات الطبية كثير ومن الدراسات الدالة على ذلك كثر، فعلى سبيل المثال أو ضحت بعض الدراسات المحلية أن أقل من عشرين في المائة من الشباب يمارسون الرياضة، وأن أقل من عشرة في المائة من الفتيات يمارسن الرياضة ولا سيما في عصرنا الحاضر حيث انتشرت الألعاب الالكترونية والحاسوبية وغيرها من وسائل الترفيه المريح غير الحركي.
الحمية الغذائية المبسطة
إن الحركة بمفردها قد لا تكفي ولابد أن تقرن بالغذاء الصحي المعتدل، وتكون الحمية التي يقف الكثير منا عاجزا عن اتباعها بالإقلال من تناول الوجبات الفرعية فقط، حيث إن المشكلة القصوى تكمن في الوجبات التي تكون بين الوجبات فهي المسبب الرئيس للسمنة لدى الكثيرين. لأن هذه الوجبات غالبا ما تكون غير صحية فهي إما تحمل الكثير من السكريات التي قد تسبب السكري أوالكثير من الأملاح التي قد تسبب الضغط. فقلما نسمع عن «تسالي» بين الوجبات تشمل فاكهة أو نحوها، إن المتفحص لنظامنا الحركي يوقن أن ثلاث وجبات في اليوم الواحد قد تكون كثيرة ولسنا بحاجة إلا لوجبتين في اليوم وذلك إذا نظرنا إلى مقدار الحركة والطاقة التي نبذلهما، إن ثلاث وجبات في اليوم الواحد لا يستطيع إلا القليل منا حرق سعراتها وإذا كان الأمر كذلك فهي (أي الوجبات) الثلاث بلا شك ستؤدي الى زيادة الوزن والسمنة، إن وسائل الحمية المبسطة كثيرة ومنها الإقلال من زيارة ردهات الأسواق العلوية والتي عادة ما تخصص للمطاعم السريعة، لا أعتقد أن شخصا ما لديه العزيمة وقوة الإرادة بأن ينأى بنفسه عن تجربة طعام ما عند زيارة الطوابق العلوية من أسواقنا فكل ما هناك جذاب وشهي فإنك بمجرد مرورك على ذلك الطابق ستجد نفسك مشاركا وبقوة في احدى الوجبات السريعة، ولذا الأفضل منا عدم زيارتها والاكتفاء بزيارة الأدوار المخصصة للملابس والملبوسات إن كان ذلك الغرض من زيارة هذه الأسواق، مما سبق يتضح لنا أن التغيير البسيط والمحدود في نمط الحياة من ممارسة للرياضة وتفعيل للحركة وحمية مقننة سيفضي الى تحقيق أحد أهم أهداف الحياة الصحية.
منقول