هناك مفاهيم صحية خاطئة يتداولها كثير من المدخنين وكلها تصب في اثارة الشكوك حول (أضرار التدخين) و(فوائد الاقلاع عنه).. ولكثرة السؤال عن هذه المفاهيم الخاطئة طلب مني بعض المرضى ان افرد لها موضوعا نجمعها فيه مع الردود على هذه الشبهات لفائدة القارئ الكريم:
أولا: ما الدليل المادي على ان التدخين
يسبب جلطات القلب؟
عدد لا يحصى من الدرسات الطبية.. فابتداء لو رتبنا العوامل المسببة لجلطات القلب من الأقوى للأضعف لكانت كالتالي: الكوليسترول ثم التدخين ثم الضغوط النفسية الاجتماعية ومن ضمنها الغضب المتكرر ثم مرض السكري ثم مرض الضغط المزمن ثم التاريخ العائلي بالاصابة بأمراض الشرايين المبكر.. أوضحتها بالدليل القطعي دراسة انترهارت التي اجريت على اكثر من خمسين دولة في العالم وتسعة وعشرين ألف مريض بالقلب.. فيتضح من ذلك ان التدخين هو السبب الثاني في تضيق شرايين القلب ولكنه السبب الأول الذي يمكن منعه بسهوله لأنه في اطار تصرفات الانسان وعاداته اليوميه وليس وراثيا مثل الكلسترول (غالبا).. بل لو نظرنا نظرة عامة للمجتمع لوجدنا ان التدخين يحمل وزر 36% من أول جلطه تحدث لأي فرد في المجتمع(أحصائيا) ولوحظ كذلك في نفس الدراسه ان هناك علاقة طردية بين عدد السجائر وحدوث الجلطة فمن يدخن اربعين سيجارة يوميا عرضة للجلطة القلبية الحادة 9 اضعاف غير المدخن نهائيا.
ثانيا: كيف يستفيد القلب
من ايقاف التدخين؟
مدى الضرر يعتمد على فترة التدخين وكمية النيكوتين اليومية المستهلكة ولكن اكثر من 20 دراسه مجتمعة اوضحت ان ايقاف التدخين بعد حدوث الجلطة يقلل احتمالية الوفيات بنسبة 30% مقارنة بمن استمر في التدخين خلال الخمس سنوات التي تعقب الجلطة ويجب معرفة ان المريض يستفيد في اي مرحلة من مراحل حياته بأيقاف التدخين حتى ولو تضيقت شرايين القلب.. صحيح ان الفائدة اكبر بكثير اذا تم ايقافه قبل سن الاربعين ولكن تظل هناك فائدة وان كانت قليلة عند ايقافه عند الستين سنة بل وبعد الثمانين سنة عند مقارنة ذلك بمن استمر في التدخين بعد ذلك العمر.. وايقاف التدخين لايسبب اختفاء تضيقات الشرايين كما يظن البعض خطأ ولكنه يساهم في جعل التضيق مستقرا ومتكلسا واقل عرضة لحدوث الجلطة مستقبلا ( كما في مفهوم البركان الخامد في الطبيعه).
ثالثا:كيف يسبب التدخين تضيق الشرايين التاجيه؟
النيكوتين يسبب جروحا ميكروسوبية في بطانة شرايين القلب التاجية ويقلل من قطرها بالانقباض ويزيد من لزوجة الدم وتخثره في الشرايين الصغيرة وايضا يرفع الكلسترول ولذلك فهو يهيئ الجو المناسب جدا لتكون الجلطة القلبية على المدى البعيد حمانا الله واياكم منها.
التدخين يقضي على ضحاياه بثلاث طرق
رابعا: اذا كان الضرر حصل في الشرايين سابقاً فما الضرر من الاستمرار ولو تدخينا خفيفا (أقل من 5 سجائر في اليوم)؟
اثبتت الدراسات الطبيه ان الاستمرار في التدخين بعد حدوث الجلطة يزيد من حدوث الوفاة المفاجئة، وهذا هو مربط الفرس في نصح مرضى الجلطات في ايقاف التدخين نهائيا.. وليس هناك كميه آمنة من النيكوتين لاتضر المريض مهما صغرت.. ولذلك يخطئ كثير من الاطباء بالسماح لمرضاهم بتناول خمس سيجارات يوميا فقط ولايزيدون على ذلك؟!!
خامسا:اذا وضعت دعمة معدنية في شرايين القلب فأن ذلك يحيمها وبالتالي استطيع التدخين بدون مخاوف؟
وهذا فهم خاطئ منتشر بين الناس انه اذا وضع دعامة في الشرايين او اجرى عملية توصيل شرايين جديدة فإنه يستطيع الرجوع مرة اخرى للتدخين؟! والحقيقة التي لامحاباة فيها ان عملية الدعامة او توصيل الشرايين هي لمجرد اعطاء المريض فرصة ثانية للابتعاد عن نمط حياته الذي سبب الجلطه الأولى والا فالعطب الذي اصاب الشرايين الاصلية سيصيب الدعامات اوالتوصيلات الشريانية الحديثة.. ولذلك ترى ان بعض المرضى يحتاج لتلك العمليات بصورة متكررة.
سادسا: اذا كان الخوف من التدخين هو الجلطة فالحمدلله العلاج متوفر في اقرب مستشفى فلاخوف من ذلك؟؟
التدخين يقضي على ضحاياه بثلاث طرق جلطات الاوعية الدموية(القلب او الدماغ ) وسرطان الرئة والفشل الرئوي المزمن بسبب تضيق القصبات الهوائية.. اما بالنسبة لجلطة القلب فصحيح ان العلاج متوفر لكن الخوف هو من توقف القلب المفاجئ كمضاعفات للجلطة الحادةاو المزمنة.. وذلك نسبة النجاح في علاجه اقل من 1% خارج المستشفى وحوالي 5% داخل المستشفى.
النيكوتين يسبب جروحا ميكروسوبيه في بطانة شرايين القلب
سابع: هناك اناس يدخنون 50 سنه ولم يصابوا بجلطاتة فكيف تفسر ذلك؟
وهناك الكثير منهم الذين اصيبوا بجلطات وتوفوا فالمسألة نسبة وتناسب والعاقل من يعقله عقله عما يضره!!.. فلوا ان كل شخص دخن سيجارة توفي على الفور لما دخن احد من البشر على هذه الارض.. ولكن التدخين تأثيره وضرره يتراكم على مر السنين وتزداد خطورته مع طول فترة التدخين وكمية النيكوتين التي يتم تدخينها يوميا مهما اختلفت طريقة تعاطيه.
ثامنا: هل يفيد اذا اخذت
الاسبرين وانا مدخن؟؟
لو وضع ايقاف التدخين في كفة وجميع الادوية الحديثه في كفة لرجحت كفة ايقاف التدخين فمن المهم معرفة ان التدخين يزيد نسبة جلطات القلب في نفس المريض بنسبة 40% مقارنة بوضعه قبل التدخين، اما الاسبرين فيخفض تلك النسبة بمقدار 20% فقط ولكن مشكلة السجائر ليست في لزوجة الدم التي يعالجها الاسبرين ولكن ايضا في ازدياد الكلسترول الضار وجرح بطانة الشريان التاجي وانقباض الشعيرات الدموية.. الخ فهناك عوامل لايستطيع التعامل معها الاسبرين.. ولذلك اوضحنا سابقا ان التدخين يقلل من فائدة ادوية القلب كثيرا وبالذات الاسبرين وادوية الكلسترول لكن هذا المفهوم لايمنع بحال من الاحوال من اخذ الادوية اذا لم يستطع المريض الاقلاع عن التدخين.
وأخيرا بلاشك تقع علينا مسؤولية كبيرة آباء وامهات ومدرسين وأئمة مساجد بتنبيه ابنائنا وبناتنا عن خطورة هذه العادة المضرة صحيا فنسبق اليهم بغرس المفاهيم الصحيحة قبل ان يسبقنا اليهم أصدقاء السوء بغرس مفاهيم اخرى ضارة..