فرانكفورت - د ب أ
من الطبيعي جدا ان تقتنص لحظات من يومك للنظر في المرآة وتقييم مظهرك وربما تعديل بعض الشعرات غير المصففة، لكن ماذا لو كنت مشمئزا مما تراه ليس لأن مظهرك سئ ولكن لانك تعاني من متلازمة مرضية تجعلك مقتنعا بأنك قبيح وبحاجة للتغيير بشكل كلي؟ ويمكن ان يحول "اضطراب تشوه الجسم" الأشياء الضئيلة التي تزعج المرء من مظهره إلى دافع خارج عن السيطرة لتحسين مظهره على نحو يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج كارثية.
ويقول الطبيب النفسي شتيفان برونهوبر الذي يركز على الاضطرابات التي تؤثر على قبول المرء لجسده :" اضطراب تشوه الجسم مازال غير مفهوم تماما حتى في الدوائر المهنية" حتى أنه من الأصعب تشخيصه لان المصابين بهذا النوع من الاضطراب لا يعتقدون انهم مرضى ولكن مقتنعون بوجود عيب ما ، وهذا الاعتقاد يدفعهم إلى تشتت الذهن كل مرة يتطلعون فيها في المرآة ، ويضيف :" يذهب بعضهم إلى الطبيب ويذهب آخرون إلى جراح التجميل بغرض الوصول إلى الجمال القياسي وهو الشئ الذي يستحيل بلوغه بسبب نظرتهم المشوهة عن اجسادهم.
تبدأ متلازمة "اضطراب تشوه الجسم" خلال فترة البلوغ في نحو 80 بالمئة من الحالات، ويضيف برونهوبر : "هذه هي الفترة التي يمر فيها معظم الأفراد بأغلب مراحل تطورهم الأساسية". وعادة ما يصبح التركيز على مظهر المرء وسيلة للتعامل مع النقائص المسببة لعدم الثقة، وتقول فيكتوريا ريتر وهي طبيبة نفسية من جامعة فرانكفورت في ألمانيا: "إذا كان أي شخص يقضي أكثر من ساعة في اليوم للتحقق من جمال مظهره حيث يتفحص شكله في المرآة أو النوافذ أو هواتفه الجوال أو دائما ما يسأل الاخرين عن مظهره ، فهنا يجب ان تنتبه إلى احتمال وجود حالة مرضية".
وهناك علامة تحذيرية اخرى عندما ينسحب الشخص من التواصل الاجتماعي ، حيث يرفض رؤية الاصدقاء ويفقد كل الاهتمام للذهاب إلى المدرسة أو العمل بسبب القلق من أن يرى الناس عيوبه ، وقد يكون الاستئساد على شخص ما أو مضايقته بداية لاصابته باضطراب تشوه الجسم، ويقول برونهوبر : "الاسباب عادة ما تكون مرتبطة بالطفولة". ربما يكون الآباء الذين يفرطون في حماية الأبناء أحد الأسباب ولكن هؤلاء الذين يشعرون انهم مرفوضون أو يتم انتقادهم باستمرار يكونوا في خطر أيضا .
ويفتقر الكثير من مرضى "اضطراب تشوه الجسم" إلى الشعور بتقدير الذات والقدرة على التعامل مع الصراعات أو حلها، تركز وسائل علاج المرض على بناء مثل هذه المهارات. كما ان التحدث عن المشكلة مهم أيضا. ويتم تشجيع المرضى على التحقق من مظهرهم مع أناس اخرين عن طريق الرد على مجموعة من الأسئلة. وأحيانا ينصح المرضى بفعل هذا في مكان عام بسؤال الناس في مركز تسوق ، والغرض هو الوصول إلى الحقيقة. ويتم اعطاء بعض المرضى عقاقير مضادة للاكتئاب مثل مثبطات اعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. واختتم برونهوبر كلامه قائلا إن العلاج النفسي هو أفضل علاج طويل المدى لمساعدة الأفراد على تقبل صورتهم الذاتية .