الأخصائية نور السويح *
هي عملية جراحية يتم فيها إزالة الحنجرة التي تحتوي على الحبال الصوتية، وبهذا ينفصل مجرى الهواء عن الفم والأنف والمريء، ويتم تثبيت الجزء السفلي من مجرى التنفس (والذي كان متصلاً بالحنجرة قبل الاستئصال) إلى الأمام ووصله بحيث يشكل فتحة دائمة في الرقبة تسمى "ستوما" أو فتحة التنفس، وهذا الإجراء تتم عادة في حالة الإصابة بسرطان الحنجرة، واستئصال الحنجرة يتم بطريقتين، إما أن يكون استئصالاً تاماً للحنجرة، أو استئصال جزء من الحنجرة وذلك حسب درجة انتشار الورم.
بعد عملية الاستئصال التام سيتمكن المريض من التنفس عن طريق فتحة في الرقبة تسمى فتحة التنفس "الستوما" فقط، وبسبب استئصال الحبال الصوتية مع الحنجرة فلن يتمكن المريض من إصدار أي صوت وسيفقد القدرة على الكلام ولكن تبقى الأعضاء المسؤولة عن النطق سليمة، وبهذا سيتمكن المريض من الكلام إن توفر له مصدر آخر للصوت.
ويكون التواصل بدون وجود الحنجرة بثلاث طرق، أولها الحنجرة الصناعية وهو جهاز يقوم بإصدار صوت ميكانيكي أو اهتزازي، الذي بدوره ينتقل إلى البلعوم، ويترجمها اللسان والشفتان إلى كلمات مفهومة.
وثانياً الكلام عبر المريء (التجشؤ)، وهي طريقة تعتمد على ابتلاع كمية من الهواء عبر الأنف أو الفم إلى المريء، وحبس الهواء في الأسفل، وبعد ذلك يخرج الهواء أثناء تحريك أعضاء النطق.
وثالثا وأخيراً الثقب الرغامي المريئي (صمام الكلام المريئي) TEP، وهو إجراء جراحي يتم فيه شق ثقب بين المريء والقصبة الهوائية يسمح للهواء بالعبور من القصبة الهوائية إلى المريء، بحيث يوضع أنبوب في الثقب ما بين القصبة الهوائية والمريء، ويحتوي الأنبوب على صمام يفتح باتجاه واحد فقط حيث يسمح بمرور الهواء من القصبة الهوائية إلى المريء ويمنع تسرب الماء والطعام إلى القصبة الهوائية، وعند الكلام، يقوم المريض بإغلاق فتحة التنفس لدفع الهواء نحو المريء إلى الفم حيث تقوم أعضاء النطق بتشكيل الكلام.
ويتم تدريب المرضى عادة من قبل أخصائي التخاطب والبلع على الطريقة المناسبة لحالته بالإضافة إلى التدريب على استخدام جهاز الحنجرة الصناعية كحل بديل لكل مرضى استئصال الحنجرة، غير أن الكثير منهم لا يفضل جهاز الحنجرة الصناعية لأن الصوت يبدو غير طبيعي.
وهناك نوعان فقط من صمامات الثقب الرغامي المريئي، صمام الكلام المريئي «بروفوكس Provox «أو صمام الكلام المريئي "بلوم-سينغر Blom-Singer"، ومن الممكن أن يتم تركيب الصمام خلال عملية جراحة استئصال الحنجرة بالكامل، أو بعد فترة زمنية من الاستئصال قد تمتد من أسبوع إلى سنوات، ويحدد الطبيب الجراح النوع المستخدم ووقت التركيب.
بعد الجراحة يتم تعريف المريض وتدريبه على كيفية الاهتمام بالصمام وتنظيفه، حيث يجب تنظيف الصمام ثلاث أو أربع مرات يومياً بعد الوجبات أو عند الحاجة، ويتم تنظيفه بالفرشاة ومحلول ملحي، كما يمكن أن يتم تنظيفه باستخدام الهواء.
ويتم أيضا تعريف المريض وتدريبه بكيفية استخدام رقاقات ذات شريط لاصق توضع على فتحة التنفس وتوجد بمختلف الأشكال والأنواع، بحيث توفّر انسدادا محكما يمنع تسرب الهواء بين الرقاقة والجلد عند الكلام، ويتم تثقيف المريض بالعناية بالجلد حول فتحة التنفس وكيفية إزالة الشريط اللاصق بعناية، والقيام بتنظيف الجلد باستخدام ممسحة قطنية خاصة بإزالة الشريط اللاصق، أوباستخدام قطعة قماش ناعمة، ثم ترك الجلد معرّضاً للهواء حتى يجف، وفي حال حدوث أي جرح في الجلد على المريض التوقف عن استخدام الشريط اللاصق.
وهناك قطع أخرى يجب تثقيف المريض وتدريبه على استخدامها مثل القطعة المسؤولة عن السيطرة على الحرارة والرطوبة (الفلتر) التي توضع فوق فتحة التنفس «الستوما»، وهي عبارة عن قطعة إضافية تسمح للهواء بالمرور من خلالها أثناء عملية التنفس وتقوم بتنقية الهواء من الشوائب والغبار، وترطيب الهواء وتدفئة حرارته قليلا، أي أنها باختصار تقوم بدورالأغشية المخاطية في الأنف وهي خاصية يفقدها المريض بعد الاستئصال لعدم تمكنه من التنفس عبر الأنف والفم، ويتم تدريب المريض في خطوات بسيطة على كيفية تركيب الفلتر على الرقاقة اللاصقة، وتنظيفه وتغييره كل 24 ساعة، ويتم أيضا نصح المريض باستخدام أجهزة ترطيب البخار في غرفة النوم وتصويب الهواء نحو منطقة الستوما لتسهيل إزالة الترسبات وتقليل التهيج في المجرى الهوائي.
كما أن هناك قطعة تستخدم لحماية فتحة التنفس عند الاستحمام أو الحلاقة، لمنع تسرب الماء أو الشعر داخل الفتحة.
وفي حال حدوث تسرب للسوائل أو الطعام من خلال الصمام، فعلى المريض القيام بتنظيف الصمام بالفرشاة، والتكلّم لمحاولة تغيير وضعية الصمام، ولكن في حال استمر التسريب، فيجب وضع السدادة الخاصة بالصمام عند تناوله للطعام والشراب، والاتصال بعيادة التخاطب مباشرة لفحص الصمام أو تغييره، أما في حال حدوث التسرب حول الصمام، فينبغي على المريض تقليل شرب السوائل الخفيفة، والاكتفاء بشرب سوائل كثيفة، وأيضا الاتصال بالعيادة للمتابعة.
وفي حال واجه المريض صعوبة في الكلام أو في حال كان الصمام مسدوداً، فعليه تنظيف الصمام بالفرشاة ونفخ الهواء بواسطة الأداة الخاصة فيه، وعند استمرار المشكلة عليه أن يتصل بعيادة التخاطب، أما في حالة خروج الصمام من مكانه، سواء إن كان بروز الصمام خارج جدار الحنجرة أو إن كان الصمام غير ظاهرأساساً، فعلى المريض التوجه بشكل عاجل إلى أقرب مركز طوارئ أو إلى عيادة التخاطب لإتخاذ الإجراءات اللازمة والتأكد من عدم سقوطه داخل مجرى التنفس.
وعلى المريض أن يعي أنه في حال ظهور نسيج جلدي حول الصمام فان ذلك يدل على احتمالية رجوع الورم، فعليه مراقبة تطور هذا النسيج، وفي حال استمر النموبشكل سريع، فعليه أن يتصل بعيادة التخاطب، بينما في حال كان نمو النسيج بطيئاً، فيمكنه أن ينتظر حتى موعد مراجعته للطبيب لزيارة العيادة، وفي كلتا الحالتين، يفضل أن يلتقط صور فوتوغرافيه لمراقبة نمو النسيج وعرضها على أخصائي التخاطب أو الطبيب المختص.
وبالرغم من أن الطريقة الثاثة وهي جراحة الصمام الرغامي المريئي تحتاج لعناية ومجهود أكثر من الطرق الأخرى، إلا أن أغلب المرضى يفضلونها لسهولة التدرب عليها مقارنة مع طريقة التجشؤ ولأنها تجعل الصوت أقرب ما يكون للطبيعي مقارنة مع الحنجرة الالكترونية، ولكن اختيار هذه الطريقة يعتمد على قرار الفريق الطبي، ويحدده عدة عوامل مرتبطة بطبيعة تكوين الحنجرة وحالة المريض الصحية وتمكنه من العناية بالصمام وتنظيفه يومياً، والجدير بالذكر أن هذه الطريقة تلزم المريض بمتابعات مدى الحياة مع عيادة التخاطب والبلع لتمكّن الأخصائي من تغيير ومتابعة الصمام بشكل دوري.