طفل السكري والحياة المدرسية
د.بسام صالح بن عباس*
من المشكلات التي تواجه طفل السكري انخفاض السكر أثناء الدراسة، فقد يحصل انخفاض مستوى السكر بسبب تناول كمية غير كافية من الطعام أو بسبب الإفراط في التمارين الرياضية أو أخذ جرعة أنسولين أو تناول الأدوية الخافضة للسكر أكثر من المقرر من قبل الطبيب، وقد يحصل انخفاض السكر في أي وقت من الأوقات وخاصة إذا تأخر تناول الوجبات عن مواعيدها أو بعد التمارين الرياضية المجهدة، كما أنه قد يشعر التلاميذ الذين لديهم انخفاض مستوى السكر بالجوع، وتصبب العرق، والتهيج، والشحوب، والدوار أو الاضطراب وإذا لم تتم معالجة الحالة فمن المحتمل أن يفقد التلميذ وعيه. ومن القواعد السليمة أن يعطى التلميذ المصاب بداء السكري الذي يتصرف بصورة غريبة طعاماً (سكر بسيط) على الفور مثل أن يعطى علبة عصير فواكه أو عسل، سكر أو تمر في حالة إصابته بانخفاض سكر الدم. كما أنه من المفروض أن تظهر علامات التحسن على التلميذ بعد 10-15 دقيقة وبعد ذلك يجب على الفور يجب إعطاؤه وجبة خفيفة. أما إذا فقد التلميذ الوعي يجب إعطاؤه إبرة الجلوكاجون إذا توفرت بالمدرسة. واستدعاء والديه وترتيب الأمور لإرساله إلى أقرب مستشفى. وعادة يستطيع التلميذ أن يستأنف يومه المدرسي العادي بعد تناوله الطعام إذا كان انخفاض السكر بسيطا وغير مصحوب بتشنج أو غيبوبة لا سمح الله. وأما عن كيفية استخدام إبرة الكلوكاجون فإنه يخلط السائل مع البودرة جيدا حتى يصبح المحلول متجانسا، ثم يسحب المحلول في برواز/ محقنه الأنسولين وتحقن تحت الجلد بنفس طريقة إبرة الأنسولين وفي نفس مواضع الحقن، وتكون عادة جرعة الجلوكاجون بمقدار نصف (½) مل للأطفال دون سن الخامسة وواحد مل لأكبر من ذلك، يمكن إعادة حقن جرعة الجلوكاجون إذا لم تتحسن حالة المريض في خلال 15- 20 دقيقة. إذا استيقظ المريض بعد حالة الهبوط يجب المبادرة بإعطائه الطعام بالفم مع مواصلة النظام الغذائي المعتاد.
أما بخصوص التمارين الرياضية، فهي هامة لطفل السكري من الناحية البدنية فهي تعمل على تقليل وتنظيم نسبة السكر بالدم، وتقليل وتنظيم نسبة الدهون في الدم خاصة أن البعض من الأطفال يعاني من زيادة الوزن، وكذلك فهي تساعد على تخفيف الوزن أو على الأقل المحافظة على الوزن المثالي وتساعد على تقوية بناء الجسم والعضلات، وتزيد من نسبة حساسية الأنسولين في الجسم وذلك بزيادة نشاط مستقبلات الأنسولين، فهي تعمل على تقليل مقاومة الجسم للأنسولين، ولكن قبل البدء بالتمرين، فيجب على الأبوين تجهيز وجبة خفيفة لطفلهما لتناولها في المدرسة وذلك قبل ممارسة الرياضة اليومية وعلى المدرسين أن يتأكدوا من أن الطفل قام بتناولها بالكامل، وربما يحتاج التلميذ المصاب بداء السكري إلى إشراف أثناء حصة التربية وبعدها خشية أن يصاب بانخفاض السكر عن المعدل الطبيعي، كما ان المدرسين المتفهمين لهذه الأمور يستطيعون مساعدة التلاميذ المصابين بداء السكري على أن يعيشوا حياة طبيعية كغيرهم من التلاميذ.
ومن المشاكل الصحية المتعلقة بمرض السكري ارتفاع مستوى السكر في الدم والذي قد يؤدي إلى الحموضة التي تعرف باسم الحموضة السكرية والتي من أسبابها الامتناع عن أخذ حقنة الأنسولين عادة بسبب التكاسل أو النسيان، وقد تحدث حموضة الدم السكرية كمضاعفات لحالات خاصة مثل الالتهابات الحادة مثل التهاب المسالك البولية أو التهاب الرئة أو غيره، وكل الالتهابات الحادة قد تكون العامل الأساسي لحدوث حموضة بالدم السكرية، وفي حالات نادرة تكون المشكلة من الأنسولين نفسه مثل عدم مراعاة الطريقة الصحيحة لتخزينه الأمر الذي يؤدي إلى فقد الأنسولين لمفعوله، وإذا فقد المفعول بصورة فجائية فهذا قد يتسبب في زيادة السكر في الدم مع احتمال حدوث حموضة الدم السكرية، وفي حالات التوتر النفسي، قد يساعد ذلك على حدوث حموضة الدم السكرية، وكما هو معلوم أن حموضة الدم السكرية إذا لم يتم علاجها باستخدام المحاليل والأنسولين فإنها تؤدي إلى الغيبوبة إذا لم يتم التدخل العلاجي.
وللمدرسة دور مهم في رعاية طفل السكري فيجب على المدرسة توفير عيادة طبية تضم طبيباً أو ممرضاً أو حتى شخص ذو اهتمام وإلمام طبي، ويجب أن يلم مدرس الفصل بفكرة ولو مبسطة عن مرض السكري وعلامات انخفاض السكر وأيضا بارتفاعه وماذا عليه عمله عند حدوث ذلك، وأيضاً السماح لطفل السكري بأخذ المزيد من الوقت لتناول طعامه وإنهائه وإلا سيؤثر ذلك سلباً على مستوى السكر في الدم والسماح له بزيارة دورة المياه عند إحساسه بذلك وحتى أثناء الحصص الدراسية، والسماح له بعمل تحليل السكر في أي وقت يشعر به الطفل بأنه بحاجة لذلك وإعطاء مريض السكري مرونة في مواعيد حضور المدرسة أو الخروج منها أو حتى الغياب وذلك في وجود مبرر طبي لذلك، ولكن يجب أن لا يستغل مرض السكري من قبل طفل السكري في الإهمال بمواعيد الدراسة وقوانينها، أما بالنسبة للتمرين الرياضي فقد يكون له انعكاس سلبي بالانخفاض على طفل السكري لذلك يجب أن يسمح لطفل السكري بتناول وجبة خفيفة قبل التمرين أو أثناءه وعمل تحليل السكر قبل وأثناء وبعد التمرين الرياضي اذا لزم الأمر ويجب على المدرسة توفير مكان مناسب ذي خصوصية إذا أراد الطفل عمل تحليل السكر أو أخذ الأنسولين فيه حيث إن بعض الأطفال وخاصة الفتيات المراهقات قد يشعرون بنوع من الإحراج عند أخذ الأنسولين، كما أن توفر أخصائي اجتماعي مهم للغاية في مساعدة طفل السكري في التغلب على المصاعب النفسية التي قد يواجهها.
ولا نهمل هنا دور الإدارة المدرسية في التأكد من توفر جميع هذه الخدمات كالخدمات الصحية والاجتماعية ودورها في التأكد خاصة من توفر الوجبات الغذائية الصحية المناسبة للأطفال عامة وأطفال السكري خاصة.
منقول