هوس نتف الشعر او نتف الشعر الهوسي مشاهد حقيقة لدى البعض لدرجة انك تشاهد جزءاً من الشنب وقد جز نتيجة التركيز عليه صباح مساء او تجد جزءاً من رموش العين خفيف مقارنة بالجزء الآخر او تجد الحاجبين هذا كثيفاً والآخر كله فراغات لدرجة ان بعض من يراه يعتقد انه "يتنمص"! والأمر لا يقتصر على شعر الوجه بل يمتد الى الرأس خاصة في المجتمعات التي مواريثها الاجتماعية لا تستلزم غطاء الرأس.
وعلى كل حال يؤدي اضطراب نتف الشعر إلى حدوث فقدانٍ واضحٍ في الشعر بالمكان المعني نتيجة لفشل متكرر في مقاومة دافع للنتف. وهذه الاضطراب اكتشف قديماً من قبل طبيب للأمراض الجلدية عندما لاحظ ان مرضاه يلجؤون الى نتف الشعر "قسرياً" نتيجة لعدم قدرتهم على التحكم في إيقاف نزع الشعر من مناطق معينة من شعر الجسم مما اعتبرت فيما بعد اضطراباً نفسياً يحتاج الى المساعدة والعلاج.
ونتف الشعر يسبقه عادة توتر متصاعد ويليه إحساس بالراحة أو الرضا، وإن كنا لا نرى هذا الامر واضحًا جلياً مع كل الحالات، فإن وجدناه واضحاً في بعض الحالات الاندفاعية والقهرية فإننا لا نجده بهذا الشكل في الحالات التي تصنف تلقائية.
والحقيقة ان الاطباء النفسيين وجدوا ان نتف الشعر القسري يأخذ عدة اشكال كنتف الشعر الاندفاعي (Impulsive)، ونتف الشعر القهري (Compulsive)، ونتف الشعر التلقائي (Automatic).
فالاندفاعي يعنى أن المريض يقوم بهذه الافعال استجابة لرغبة ملحة في النتف الذي يكون مصحوباً بما يشبه الشعور باللذة وعادة ما يتلوه احساس بالشعور بالندم بسبب الاستجابة لتلك الرغبة.
اما النتف القهري فيحدث عندما يضطر المريض لفعل النتف استجابة لشعورٍ قوي ومتعاظمٍ والاحساس بالضيق ويريد ان يتخلص منه المريض بالنتف وبالتالي فان هذا النوع لا يكون مصحوبًا بلذةٍ معينة وإنما فقط بالتخلص من الضيق والكرب الذي يعاني منه المريض، ولهذا نلاحظ ان هناك بعض المرضى يشتكي من النتف المتكرر اعتقاداً بأن الشعرة "متقصفة" وكلما ينزعها يجدها عكس ذلك وفي كل مرة يوعد نفسه ولكنه يعود تحت ضغط "الضيق والتوتر" والالحاح في نزعها.
اما النتف التلقائي فهو يعد سلوكاً تلقائياً عند البعض يقومون بذلك دون انتباهٍ كامل أثناء انشغالهم بالتركيز في أي عمل أو نشاط، فلا هم يستمتعون بعملية النتف نفسها كما في الحالات الاندفاعية، ولا هم يشعرون بضيق لا يخلصهم منه سوى النتف كما في الحالات القهرية، بل لايكادون يعلمون او يتذكرون العملية برمتهاّ!. إلا أن من الممكن أن ننظر إلى النوع التلقائي بشكل مختلف عن النوعين الآخرين، ذلك أننا نستطيع أن نستنتج عاملاً مشتركاً بين كل من النتف الاندفاعي والنتف القهري، بينما هو غائب في حالة النتف التلقائي وذلك هو اختيار فعل النتف في ذاته، ذلك أن النتف التلقائي عادة ما يحدثُ في حالات الانهماك الذهني في موضوع آخر كمشاهدة التلفاز او تصفح الإنترنت أو المذاكرة، فبينما يكونُ المريض شارد الذهن يحدثُ النتف دون وعي منه وبالتالي دون اختيار، وأما في حالات النتف القهري فإن المريض/المريضة يختار النتف ليتخلص من الشعور المتعاظم بالضيق الذي يسبق فعل النتف، ونفس الشيء ينطبق في حالات النتف الاندفاعي حيث يشعر المريض برغبة ملحة في النتف وبشعور لذيذ غالباً أثناءه بينما يقتصر الأمر في النتف القهري على الشعور بالخلاص من الضيق.
واما معدل انتشار اضطراب نتف الشعر فغير معروف على وجه الدقة، وإن كان من المعروف أنه أكثر في النساء منه في الرجال، ورغم أن الحالات العابرة قد تصل إلى 1% أو أكثر قليلاً فإن الحالات التي تصل إلى مستوى الاضطراب النفسي لا يزيد معدل انتشارها على 0.6%، وإن كان ميل الغالبية العظمى من المرضى إلى السرية وعدم البوح بمثل هذه الأعراض إضافة إلى غياب الدراسات المسحية التي تجرى على أفراد المجتمع العاديين بعيدًا عن عيادات الأمراض الجلدية أو الطب النفسي.. كل ذلك يجعل الحديث عن معدلات حدوث أو انتشار لهذا الاضطراب بعيدة عن الدقة إلى حد كبير. ولكن تشير تقارير عيادات الطب النفسي إلى احتمال وجود نوعين من اضطراب نزع الشعر، أحدهما يبدأ في سنوات الطفولة ما بين السنة الثانية والسنة السادسة من العمر، وهو نوع عابر في أغلب الأحيان. وأما النوع الآخر فيبدأ في سنوات المراهقة وعادة ما يحتاج إلى تدخل علاجي حاسم، نظرًا لأن كَم الأمراض النفسية المصاحبة له تكون أعلى من النوع الذي يبدأ في الطفولة، وبينما يمثل الذكور أكثرية في الحالات التي تظهر في سن ما دون السادسة (62%)، إلا أن التوزيع العام للمرضى من مختلف الأعمار بأن 70% من الذين يعانون من هذا الاضطراب في المراحل العمرية اللاحقة هم الإناث.
واما عن العلاج فبطبيعة الحال فإن الاكتشاف المبكر لهذا المرض وغيره يؤدي الى نتائج شفاء عالية, الا ان مشكلة هذا الاضطراب عدم احساس المريض بالمشكلة الا بعد فترة متأخرة جداً عندما يبدأ الآخرين المحيطين بالمريض اكتشاف "تناقص" الشعر عندها يصبح الضغط خارجياً بالاضافة للداخلي مما يجعل المريض يبحث عن علاج.
والعلاج في المراحل الأولى لهذا الاضطراب سهل وبسيط وذلك عن طريق تجنب التوتر والقلق والأعمال التي يشعر من خلالها المريض انه تحت ضغط نفسي. وهنا يسأل المريض متى تشعر بأنك تقوم بنتف الشعر؟ هل أثناء المذاكرة نتيجة للخوف والتوتر المصاحب للمذاكرة أم عند مشاهدة مقطع معين؟ لأن تحديد الموقف يساعد المعالج النفسي في وضع خطة محكمة للقضاء على النتف القهري. المشكلة ان العلاج النفسي اللا دوائي لهذه الحالات يحتاج الى اولاً: اعتراف من قبل المريض بالمشكلة وثانياً: التعاون مع المعالج النفسي بتنفيذ الواجبات المنزلية التي يطلبها المعالج والصبر ثالثاً: على طول المدة، لأنه كما تعلمون المريض تعلم سلوك النتف في فترة طويلة ويحتاج المعالج الى ربع هذه المدة للقضاء على عادة نتف الشعر القهري.
المعالج النفسي يحتاج ايضاً الى تعليم المريض اساليب الاسترخاء كي يلجأ لها المريض عند الاحساس بالتوتر, ويحتاج الى اللجوء الى أساليب الراحة النفسية ومنها (الرياضة - التنزه - سماع القرآن الكريم).
وهذا لايعني ان المريض لايحتاج الى علاج دوائي, فهناك حالات مرضية متقدمة تحتاج إلى علاج دوائي يصرف من قبل الطبيب النفسي المشرف على الحالة.
لا يكون مصحوبًا بلذةٍ معينة وإنما فقط بالتخلص من الضيق والكرب